[color=green]أمي الحبيبة...
تعلمين يا أمي أنني ذهبت لأعرق لا لأغرق لكنه القدر وظلم البشر.. كنت أبحث عن لحظة دفء أفتقدتها في وطني.. عن لقمة، عن علبة سجائر، عن مسطرة بلاستيك ملونة لابني، عن عباءة لك ودواء الروماتيزم، عن نظارة طبية تحتاجها زوجتي.. أنقب في القاع
الآن عنها ولا أجدهما.. لم يطردني حضنك لكن لفظني حضن وطن.. لم يعلمنا الفارق بين البطولة والبطالة.. في قاع البحر يا أمي لا بورصة ولا احتكار ولا لجنة سياسات ولاتعذيب ولا خوف فإن الغريق لا يخشي من البلل.. أختفيت يا أمي ولم يعثروا علي حتي أوفر ثمن أكفاني، فنحن لم نسدد بعد ثمن السفر فلا تسأليني عن اسم البحر الذي غرقت فيه الأبيض أم الأحمر أم النيل! فقد غرقنا معا في الديون.. وسدوا أمامنا أبواب الأمل والعمل ليفتحوها لابنائهم.. أوصيك بابني كي لا يغرق دعيه ينس ما حكيته له عن قطز وبيبرس وملوك العرب في الأندلس، وأحك له عن ملوك السمسرة في البورصة.. علميه ليصبح جديرا بأن يكون حارس أمن لرجل أعمال أو سكرتيرا لسمسار، وإذا سألك عن قبري فقولي أن لي ألف قبر في كل مصنع باعوه وكل بنك نهبوه.. أرفضي يا أمي أن تقبلي في دية.. وانتظريني مع كل شروق علي الشاطئ واسألي الأمواج عن حفيد لي قد يأتي إليك وفي يده العباءة ودواء الروماتيزم وفي اليد الأخري الأمل والخلاص..( ابنك الشهيد)